اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالُواْ لَئِنۡ أَكَلَهُ ٱلذِّئۡبُ وَنَحۡنُ عُصۡبَةٌ إِنَّآ إِذٗا لَّخَٰسِرُونَ} (14)

{ لَئِنْ أَكَلَهُ الذئب وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } وفائدة اللام في " لَئِنْ " من وجهين :

أحدهما : أن كلمة " إنْ " تفيد كون الشِّرط مستلزماً للجزاء ، أي : إن وقعت هذه الواقعة ، فنحن خاسرون ، فهذه اللام خلت ؛ لتأكيد هذا الاستلزام .

والثاني : قال الزمخشري رحمه الله " هذه اللام تدلُّ على إضمار القسم ، [ تقديره : ] والله لئن أكلهُ الذئب ، لكنَّا خاسرين " .

والواوُ في : " ونَحْنُ عُصْبَةٌ " واو الحال ؛ فتكون الجملة من قوله : " وَنحْنُ عُصْبةٌ " : جملة حاليَّة . وقيل : معترضة ، و { إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } جواب القسم ، و " إذاً " : حرف جواب ، وحذف جوابُ الشرط ، وقد تقدَّم الكلام فيه مشبعاً .

فصل

ونقل أبو البقاء : أنه قرىء " عُصْبَةً " بالنصب ، وقدر ما تقدم في الآية الأولى . في المراد بقولهم : { إِنَّآ إِذَاً لَّخَاسِرُونَ } وجوه : الأول : [ عاجزون ] ضعفاء ، نظيره قوله تعالى : { وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ } [ المؤمنون : 34 ] أي : لعاجزون .

الثاني : أنهم يكونون مستحقِّين لأن يدعى عليهم بالخسارة والدَّمار ، وأن يقال : أخسرهُم الله ، ودمَّرهُم حين أكل الذِّئب أخاهُم وهم حاضرون عُصبةٌ : عشرةٌ تعصب بهم الأمُور ، تكفي الخطوب بمثلهم .

الثالث : إذا لم نقدر على حفظ أخينا ، فقد هلكت مواشينا ، وخسرنا .

الرابع : أنَّهم كانوا قد أتبعوا أنفسهم في خدمة أبيهم ، واجتهدوا في القيام بمهمَّاته ، ليفوزوا منه بالدعاء والثناء ، فقالوا : لو قصَّرنا في هذه الخدمة ، فقد أحبطنا كل تلك الأعمال ، وخسرنا كمل ما صدر منَّا من أنواع الخدمة .

فإن قيل : إنَّ يعقُوب عليه الصلاة والسلام اعتذر بعذرين : شدة حبِّه ، وأكل الذئب له ، فلم أجابُوا عن أحدهما دون الآخر ؟

فالجواب : أن حقدهم ، وغيظهم كان بسبب المحبَّة ، فتغافلوا عنه .