ثم إنه تعالى حكى أن قائلا قال : { لا تقتلوا يوسف } قيل إنه كان روبيل وكان ابن خالة يوسف وكان أحسنهم رأيا فيه فمنعهم عن القتل ، وقيل يهودا ، وكان أقدمهم في الرأي والفضل والسن .
ثم قال : { وألقوه في غيابة الجب } وفيه مسائل :
المسألة الأولى : قرأ نافع { في غيابة الجب } على الجمع في الحرفين ، هذا والذي بعده ، والباقون { غيابة } على الواحد في الحرفين . أما وجه الغيابات فهو أن للجب أقطارا ونواحي ، فيكون فيها غيابات ، ومن وحد قال : المقصود موضوع واحد من الجب يغيب فيه يوسف ، فالتوحيد أخص وأدل على المعنى المطلوب . وقرأ الجحدري { في غيابة الجب } .
المسألة الثانية : قال أهل اللغة : الغيابة كل ما غيب شيئا وستره ، فغيابة الجب غوره ، وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله . والجب البئر التي ليست بمطوية سميت جبا ، لأنها قطعت قطعا ولم يحصل فيها غير القطع من طي أو ما أشبه ذلك ، وإنما ذكرت الغيابة مع الجب دلالة على أن المشير أشار بطرحه في موضع مظلم من الجب لا يلحقه نظر الناظرين فأفاد ذكر الغيابة هذا المعنى إذ كان يحتمل أن يلقى في موضع من الجب لا يحول بينه وبين الناظرين .
المسألة الثالثة : الألف واللام في الجب تقتضي المعهود السابق ، اختلفوا في ذلك الجب فقال قتادة : هو بئر ببيت المقدس ، وقال وهب : هو بأرض الأردن ، وقال مقاتل : هو على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب ، وإنما عينوا ذلك الجب للعلة التي ذكروها وهي قولهم : { يلتقطه بعض السيارة } وذلك لأن تلك البئر كانت معروفة وكانوا يردون عليها كثيرا ، وكان يعلم أنه إذا طرح فيها يكون إلى السلامة أقرب ، لأن السيارة إذا جازوا وردوها ، وإذا وردوها شاهدوا ذلك الإنسان فيها ، وإذا شاهدوه أخرجوه وذهبوا به فكان إلقاؤه فيها أبعد عن الهلاك .
المسألة الرابعة : الالتقاط تناول الشيء من الطريق ، ومنه : اللقطة واللقيط ، وقرأ الحسن { تلتقطه } بالتاء على المعنى ، لأن بعض السيارة أيضا سيارة ، والسيارة الجماعة الذين يسيرون في الطريق للسفر . قال ابن عباس : يريد المارة وقوله : { السيارة إن كنتم فاعلين } فيه إشارة إلى أن الأولى أن لا تفعلوا شيئا من ذلك ، وأما إن كان ولا بد فاقتصروا على هذا القدر ونظيره قوله تعالى : { وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به } يعني الأولى أن لا تفعلوا ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.