مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَّهُمۡ عَذَابٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَقُّۖ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ} (34)

واعلم أنه تعالى لما أخبر عنهم بتلك الأمور المذكورة بين أنه جمع لهم بين عذاب الدنيا ، وبين عذاب الآخرة الذي هو أشق ، وأنه لا دافع لهم عنه لا في الدنيا ولا في الآخرة . أما عذاب الدنيا فبالقتل ، والقتال ، واللعن ، والذم ، والإهانة ، وهل يدخل المصائب والأمراض في ذلك أم لا ؟ اختلفوا فيه ، قال بعضهم : إنها تدخل فيه ، وقال بعضهم : إنها لا تكون عقابا ، لأن كل أحد نزلت به مصيبة فإنه مأمور بالصبر عليها ، ولو كان عقابا لم يجب ذلك ، فالمراد على هذا القول : من الآية القتل ، والسبى ، واغتنام الأموال ، واللعن ، وإنما قال : { ولعذاب الآخرة أشق } لأنه أزيد إن شئت بسبب القوة والشدة ، وإن شئت بسبب كثرة الأنواع ، وإن شئت بسبب أنه لا يختلط بها شيء من موجبات الراحة ، وإن شئت بسبب الدوام وعدم الانقطاع ، ثم بين بقوله : { وما لهم من الله من واق } أي أن أحدا لا يقيهم ما نزل بهم من عذاب الله . قال الواحدي : أكثر القراء وقفوا على القاف من غير إثبات ياء في قوله ( واق ) وكذلك في قوله : { ومن يضلل الله فما له من هاد } وكذلك في قوله : { وال } وهو الوجيه لأنك تقول في الوصل : هذا هاد ووال وواق ، فتحذف الياء لسكونها والتقائها مع التنوين ، فإذا وقفت انحذف التنوين في الوقف في الرفع والجر ، والياء كانت انحذفت فيصادف الوقف الحركة التي هي كسرة في غير فاعل فتحذفها كما تحذف سائر الحركات التي تقف عليها فيصير هاد ، ووال ، وواق . وكان ابن كثير يقف بالياء في هادي . ووالي . وواقي . ووجهه ما حكى سيبويه أن بعض من يوثق به من العرب يقول : هذا داعي فيقفون بالياء .