مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَلَقَدِ ٱسۡتُهۡزِئَ بِرُسُلٖ مِّن قَبۡلِكَ فَأَمۡلَيۡتُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ثُمَّ أَخَذۡتُهُمۡۖ فَكَيۡفَ كَانَ عِقَابِ} (32)

{ ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم فكيف كان عقاب ، أفمن هو قآئم على كل نفس بما كسبت وجعلوا لله شركاء قل سموهم أم تنبئونه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل الله فما له من هاد }

اعلم أن القوم لما طلبوا سائر المعجزات من الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء والسخرية وكان ذلك يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتأذى من تلك الكلمات فالله تعالى أنزل هذه الآية تسلية له وتصبيرا له على سفاهة قومه فقال له إن أقوام سائر الأنبياء استهزؤوا بهم كما أن قومك يستهزئون بك : { فأمليت للذين كفروا } أي أطلت لهم المدة بتأخير العقوبة ثم أخذتهم فكيف كان عقابي لهم ؟ .

واعلم أني سأنتقم من هؤلاء الكفار كما انتقمت من أولئك المتقدمين والإملاء : الإمهال وأن يتركوا مدة من الزمان في خفض وأمن كالبهيمة يملى لها في المرعى ، وهذا وعيد لهم وجواب عن اقتراحهم الآيات على رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الاستهزاء .