قوله : { والذين هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ } اللام في قوله : «لِلزَّكَاةِ » مزيدة في المفعول لتقدمه على عامله{[32146]} ، ولكونه فرعاً{[32147]} . والزكاة في الأصل مصدر ، ويطلق على القدر المُخْرَج من الأعيان ، وقال الزمخشري : اسم مشترك بين عين ومعنًى ، فالعين القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب ، والمعنى فعل المزكي ، وهو الذي أراده الله فجعل المزكين فاعلين له ، ولا يسوغ فيه غيره ، لأنه ما من مصدر إلا يعبر عنه بالفعل ، ويقال لمحدثه فاعل ، تقول للضارب : فاعل الضرب ، وللقاتل : فاعل القتل ، وللمزكي : فاعل التزكية ، وعلى هذا الكلام كله ، والتحقيق في هذا أنك تقول في جميع الحوادث : ( من فعل هذا ) فيقال لك : فاعله الله أو بعض الخلق ، ولم يمتنع الزكاة الدالة على العين أن يتعلق بها ( فاعلون ){[32148]} لخروجها من صحة أن يتناولها الفاعل ، ولكن لأنّ الخلق ليسوا بفاعليها ، وقد أنشدوا لأمية بن أبي الصلت :
المطعمُون الطَّعام في السنة ال *** أَزْمة والفاعلون للزكوات{[32149]}
ويجوز أن يراد بالزكاة العين ، ويقدر مضاف محذوف ، وهو الأداء ، وحمل البيت على هذا أصح{[32150]} ، لأنها فيه مجموعة{[32151]} . قال شهاب الدين : إنما أحوج أبا القاسم إلى هذا أن بعضهم زعم أنه يتعين أنْ يكون الزكاة هنا المصدر ؛ لأنه لو أراد العين لقال : مؤدون ولم يقل : فاعلون ، فقال الزمخشري : لم يمتنع ذلك لعدم صحة تناول فاعلون{[32152]} لها بل لأنّ الخلق ليسوا بفاعليها ، وإنما جعل الزكوات في بيت أمية أعياناً لجمعها ، لأنّ المصدر لا يجمع{[32153]} ، وناقشه أبو حيان وقال : يجوز أن يكون مصدراً وإنما جمع لاختلاف أنواعه{[32154]} . وقال أبو مسلم : إنّ فعل الزكاة يقع على كل فعل محمود مرضي ، كقوله : { قَدْ{[32155]} أَفْلَحَ مَن تزكى }{[32156]} [ الأعلى : 14 ] ، وقوله : { فَلاَ تزكوا أَنفُسَكُمْ }{[32157]} [ النجم : 32 ] ومن جملتهم ما يخرج من حق المال ، وإنما سمي بذلك ؛ لأنها تطهر من الذنوب ، لقوله تعالى : { تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }{[32158]} [ التوبة : 103 ] . وقال الأكثرون : المراد بها هنا : الحق الواجب في الأموال خاصة ؛ لأنّ هذه اللفظة قد اختصت في الشرع بهذا المعنى{[32159]} . فإنْ قيل : إن الله تعالى لم يفصل بين الصلاة والزكاة فَلِمَ{[32160]} فصل هنا بينهما بقوله : { والذين هُمْ عَنِ اللغو مُّعْرِضُونَ } ؟ فالجواب : لأنّ ترك اللغو من متمات{[32161]} الصلاة{[32162]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.