الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ} (4)

الزكاة اسم مشترك بين عين ومعنى ، فالعين : القدر الذي يخرجه المزكي من النصاب إلى الفقير والمعنى : فهل المزكي الذي هو التزكية ، وهو الذي أراده الله ، فجعل المزكين فاعلين له ولا يسوغ فيه غيره ، لأنه ما من مصدر إلا يعبر عن معناه بالفعل ويقال لمحدثه فاعل ، تقول للضارب : فاعل الضرب ، وللقاتل : فاعل القتل ، وللمزكي : فاعل التزكية . وعلى هذا الكلام كله والتحقيق فيه أنك تقول في جميع الحوادث : من فاعل هذا ؟ فيقال لك : فاعله الله أو بعض الخلق . ولم يمتنع الزكاة الدالة على العين أن يتعلق بها فاعلون ، لخروجها من صحة أن يتناولها الفاعل ، ولكن لأنّ الخلق ليسوا بفاعليها . وقد أنشد لأمية ابن أبي الصلت :

الْمُطْمِعُونَ الطَّعَامَ فِي السَّنَةِ *** الأَزْمَةِ وَالْفَاعِلُونَ لِلزَّكَوَاتِ

ويجوز أن يراد بالزكاة : العين ، ويقدر مضاف محذوف وهو الأداء ، وحمل البيت على هذا أصحّ ، لأنها فيه مجموعة .