مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ لِمَنۡ حَوۡلَهُۥٓ أَلَا تَسۡتَمِعُونَ} (25)

ولما ذكر موسى عليه السلام هذا الجواب الحق قال فرعون لمن حوله ألا تستمعون وإنما ذكر ذلك على سبيل التعجب من جواب موسى ، يعني أنا أطلب منه الماهية وخصوصية الحقيقة ، وهو يجيبني بالفاعلية والمؤثرية ، وتمام الإشكال أن تعريف الماهية بلوازمها لا يفيد الوقوف على نفس تلك الماهية ، وذلك لأنا إذا قلنا في الشيء إنه الذي يلزمه اللازم الفلاني ، فهذا المذكور ، إما أن يكون معروفا لمجرد كونه أمرا ما يلزمه ذلك اللازم أو لخصوصية تلك الماهية التي عرضت لها هذه الملزومية ، والأول محال لأن كونه أمرا يلزمه ذلك اللازم جعلناه كاشفا فلو كان المكشوف هو هذا القدر لزم كون الشيء معروفا لنفسه وهو محال ، والثاني محال لأن العلم بأنه أمر ما يلزمه اللازم الفلاني لا يفيد العلم بخصوصية تلك الماهية الملزومة ، لأنه لا يمتنع في العقل اشتراك الماهيات المختلفة في لوازم متساوية . فثبت أن التعريف بالوصف الخارجي لا يفيد معرفة نفس الحقيقة فلم يكن كونه ربا للسماوات والأرض وما بينهما جوابا عن قوله : { وما رب العالمين } .