مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَلَمَّا جَآءَهُم مُّوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَا بَيِّنَٰتٖ قَالُواْ مَا هَٰذَآ إِلَّا سِحۡرٞ مُّفۡتَرٗى وَمَا سَمِعۡنَا بِهَٰذَا فِيٓ ءَابَآئِنَا ٱلۡأَوَّلِينَ} (36)

أما قوله : { فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات } فقد بينا في سورة طه أنه كيف أطلق لفظ الآيات وهو جمع على العصا واليد .

أما قوله : { قالوا ما هذا إلا سحر مفترى } فقد اختلفوا في مفترى ، فقال بعضهم المراد أنه إذا كان سحرا وفاعله يوهم خلافه فهو المفترى ، وقال الجبائي المراد أنه منسوب إلى الله تعالى وهو من قبله فكأنهم قالوا هو كذب من هذا الوجه ثم ضموا إليه ما يدل على جهلهم وهو قولهم : { وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين } أي ما حدثنا بكونه فيهم ، ولا يخلو من أن يكونوا كاذبين في ذلك وقد سمعوا مثله ، أو يريدوا أنهم لم يسمعوا بمثله في فظاعته ، أو ما كان الكهان يخبرون بظهور موسى عليه السلام ومجيئه بما جاء به .

واعلم أن هذه الشبهة ساقطة لأن حاصلها يرجع إلى التقليد ولأن حال الأولين لا يخلو من وجهين ، إما أن لا يورد عليهم بمثل هذه الحجة فحينئذ الفرق ظاهر أو أورد عليهم فدفعوه فحينئذ لا يجوز جعل جهلهم وخطئهم حجة .