مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَٰقَوۡمِ إِنَّمَا هَٰذِهِ ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا مَتَٰعٞ وَإِنَّ ٱلۡأٓخِرَةَ هِيَ دَارُ ٱلۡقَرَارِ} (39)

وأما التفصيل فهو أنه بين حقارة حال الدنيا وكمال حال الآخرة ، أما حقارة الدنيا فهي قوله { يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع } والمعنى أنه يستمتع بهذه الحياة الدنيا في أيام قليلة ، ثم تنقطع وتزول ، وأما الآخرة فهي دار القرار والبقاء والدوام ، وحاصل الكلام أن الآخرة باقية دائمة والدنيا منقضية منقرضة ، والدائم خير من المنقضي ، وقال بعض العارفين : لو كانت الدنيا ذهبا فانيا ، والآخرة خزفا باقيا ، لكانت الآخرة خيرا من الدنيا ، فكيف والدنيا خزف فان ، والآخرة ذهب باق .

واعلم أن الآخرة كما أن النعيم فيها دائم فكذلك العذاب فيها دائم ، وإن الترغيب في النعيم الدائم والترهيب عن العذاب الدائم من أقوى وجوه الترغيب والترهيب .