مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (45)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } وفيه بحث وهو أن هذه الأمور ليست من الآلاء فكيف قال : { فبأي آلاء } ؟ نقول : الجواب من وجهين ( أحدهما ) ما ذكرناه ( وثانيهما ) أن المراد : { فبأي آلاء ربكما } مما أشرنا إليه في أول السورة . { تكذبان } فتستحقان هذه الأشياء المذكورة من العذاب ، وكذلك نقول : في قوله : { ولمن خاف مقام ربه جنتان } هي الجنان ثم إن تلك الآلاء لا ترى ، وهذا ظاهر لأن الجنان غير مرئية ، وإنما حصل الإيمان بها بالغيب ، فلا يحسن الاستفهام بمعنى الإنكار مثل ما يحسن الاستفهام عن هيئة السماء والأرض والنجم والشجر والشمس والقمر وغيرها مما يدرك ويشاهد ، لكن النار والجنة ذكرتا للترهيب والترغيب كما بينا أن المراد فبأيهما تكذبان فتستحقان العذاب وتحرمان الثواب .