اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} (45)

ثم قال : { فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ } .

فإن قيل : هذه الأمور ليست نعمة ، فكيف قال : بأي آلاء ؟ .

فالجواب من وجهين{[54523]} .

أحدهما : أن ما وصف من هَوْلِ القيامة ، وعقاب المجرمين فيه زَجْر عن المعاصي ، وترغيب في الطَّاعات وهذا من أعظم النعم .

«روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على شاب في الليل يقرأ : { فَإِذَا انشقت السماء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان } فوقف الشَّاب ، وخنقته العبرة ، وجعل يقول : ويحي من يوم تنشقُّ فيه السماء وَيْحِي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «ويحك يا فتى ، يأتيني مثلها ، فوالذي نَفْسِي بيدهِ لقَدْ بَكَتْ ملائكةُ السَّماءِ منْ بُكائِكَ »{[54524]} .

الثاني : أن المعنى كذبتم بالنعم المتقدمة ما استحقيتم هذه العقوبات ، وهي دالة على الإيمان بالغيب ، وهو من أعظم النعم .


[54523]:ينظر: القرطبي 17/114.
[54524]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/200) وعزاه إلى محمد بن نصر في "كتاب الصلاة" عن لقمان بن عامر الحنفي.