مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{يَطُوفُونَ بَيۡنَهَا وَبَيۡنَ حَمِيمٍ ءَانٖ} (44)

وقوله تعالى : { يطوفون بينها وبين حميم آن } هو كقوله تعالى : { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل } وكقوله تعالى : { كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها } لأنهم يخرجون فيستغيثون فيظهر لهم من بعد شيء مائع هو صديدهم المغلي فيظنونه ماء ، فيردون عليه كما يرد العطشان فيقعون ويشربون منه شرب الهيم ، فيجدونه أشد حرا فيقطع أمعاءهم ، كما أن العطشان إذا وصل إلى ماء مالح لا يبحث عنه ولا يذوقه ، وإنما يشربه عبا فيحرق فؤاده ولا يسكن عطشه . وقوله : { حميم } إشارة إلى ما فعل فيه من الإغلاء ، وقوله تعالى : { آن } إشارة إلى ما قبله ، وهو كما يقال : قطعته فانقطع فكأنه حمته النار فصار في غاية السخونة وآن الماء إذا انتهى في الحر نهاية .