الآية 27 : وقوله تعالى : { إنك إن تذرهم يضلوا عبادك }هذا كلام شنيع في الظاهر من نوح عليه السلام لأنه خارج مخرج الإنكار على الله تعالى ، ولو تركهم ، ولم يهلكهم . وهذا يشبه قول{[22227]}/ 600 بن قال : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء }[ البقرة : 30 ] وهذا أيضا خارج مخرج التكبر لله تعالى : أنه لو أبقاهم أدى ذلك إلى إضلال العباد ، وفيه تقدم بين يدي الله تعالى ؛ وذلك عظيم ، ولأنه ليس في شرط الألوهية إهلاك من عمله الإضلال .
ألا ترى أن إبليس اللعين وأتباعه جل سعيهما{[22228]} في إضلال بني آدم ، ثم لم يهلكوا ، بل أبقوا على الوقت المعلوم ؟ .
ولكنه يجوز أن يكون دعا عليهم بعد أن أذن بالدعاء عليهم بالهلاك والبوار ، فيكون الدعاء بالهلاك على تقدم الأدب .
والأصل أن الرسل عليهم السلام بعثوا لدعاء الخلق إلى الإسلام ، وكانوا في دعائهم راجين الإسلام خائفين عليهم بدوامهم على الكفر . فبما قيل لنوح عليه السلام : { أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن }[ هود : 36 ] وقع له الإياس من إسلام من تخلف عن الإيمان ، فارتفع معنى الدعاء إلى الإسلام ، فجائز أن يراد{[22229]} له الإذن بعد ذلك بالدعاء عليهم بالهلاك ، فيدعو إذ ذاك .
ثم يكون قوله : { إنك إن تذرهم يضلوا عبادك } خارج مخرج الإشفاق والرحمة على من معه من المؤمنين ، وهو أن الذين داموا على الكفر ، لو أبقوا خيف من الكفرة أن يضلوا المؤمنين ، ويعيدوهم إلى ملتهم ، فتكون شفقته على المسلمين داعية إلى الدعاء بالهلاك{[22230]} على الكفرة لئلا يتوصلوا إلى الإضلال .
وقوله تعالى : { ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا }وقت بلوغهم المحنة والابتلاء ؛ فحينئذ يوجد منهم الفجور لا[ أن ]{[22231]}يلدوا فجارا كفارا ؛ إذ لا صنع لهم في ذلك الوقت ، وهو كقوله تعالى : { إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه } [ الإنسان : 2 ] أي نبتليه لوقت [ بلوغه ]{[22232]} المحنة والابتلاء لا أن نبتلي وقت ما يشاء .
وفي هذه الآية دلالة أن الكفر قد يقع عليه اسم الفجور لأنه لو خرج قوله{ كفارا } مخرج التفسير لقوله : { فاجرا } استقام أن يحمل تأويل قوله تعالى : { وإن الفجار لفي جحيم }[ الانفطار : 14 ] على الكفرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.