الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّكَ إِن تَذَرۡهُمۡ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوٓاْ إِلَّا فَاجِرٗا كَفَّارٗا} (27)

{ إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّواْ عِبَادَكَ } قال ابن عباس : كان الرجل ينطلق بابنه إلى نوح فيقول : احذر هذا فإنّه كذّاب وإن أبي حذّرنيه فيموت الكبير وينشأ الصغير عليه .

{ وَلاَ يَلِدُواْ إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً } يعني : من سيكفر ويفجر . قال محمد بن كعب ومقاتل والربيع وعطية وابن زيد : إنّما قال نوح ( عليه السلام ) هذا حين أخرج الله تعالى كلّ مؤمن أصلابهم وأرحام نسائهم وأيبس أصلاب رجالهم قبل العذاب بأربعين سنة ، وقيل : سبعين سنة وأخبر الله سبحانه وتعالى نوحاً أنّهم لا يؤمنون ولا يلدون مؤمناً ، فحينئذ دعا عليهم نوح ، فأجاب الله سبحانه دعاءه فأهلكهم كلّهم ولم يكن فيهم صبي وقت العذاب .

وقال أبو العالية والحسن : لو أهلك أطفالهم معهم لكان عذاباً من الله لهم ، ولكن الله تعالى أهلك ذريتهم وأطفالهم بغير عذاب ثم أهلكهم ، والدليل عليه قوله سبحانه :

{ وَقَوْمَ نُوحٍ لَّمَّا كَذَّبُواْ الرُّسُلَ أَغْرَقْنَاهُمْ } [ الفرقان : 37 ] وقد علمنا أن الأطفال لم يكذّبوا الرسل وإنّما وقع العذاب على المكذّبين .