قوله تعالى : { ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم } فيه مسائل :
المسألة الأولى : وحد الرسول في قوله : { إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه } ثم جمع في قوله : { أن قد أبلغوا رسالات ربهم } ونظيره ما تقدم من قوله : { فإن له نار جهنم خالدين } .
المسألة الثانية : احتج من قال بحدوث علم الله تعالى بهذه الآية لأن معنى الآية ليعلم الله أن قد أبلغوا الرسالة ، ونظيره قوله تعالى : { حتى نعلم المجاهدين } ( والجواب ) من وجهين ( الأول ) : قال قتادة ومقاتل : ليعلم محمد أن الرسل قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة ، وعلى هذا ، اللام في قوله : { ليعلم } متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام كأنه قيل : أخبرناه بحفظ الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على مثل حالته من التبليغ الحق ، ويجوز أن يكون المعنى ليعلم الرسول أن قد أبلغوا أي جبريل والملائكة الذين يبعثون إلى الرسل رسالات ربهم ، فلا يشك فيها ويعلم أنها حق من الله ( الثاني ) : وهو اختيار أكثر المحققين أن المعنى ليعلم الله أن قد أبلغ الأنبياء رسالات ربهم ، والعلم هاهنا مثله في قوله : { أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم } والمعنى ليبلغوا رسالات ربهم فيعلم ذلك منهم .
المسألة الثالثة : قرئ { ليعلم } على البناء للمفعول .
قوله تعالى : { وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا } .
أما قوله : { وأحاط بما لديهم } فهو يدل على كونه تعالى عالما بالجزئيات ، وأما قوله : { وأحصى كل شيء عددا } فهو يدل على كونه عالما بجميع الموجودات ، فإن قيل : إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، وقوله : { كل شيء } يدل على كونه غير متناه ، فلزم وقوع التناقض في الآية ، قلنا : لا شك أن إحصاء العدد إنما يكون في المتناهي ، فأما لفظة { كل شيء } فإنها لا تدل على كونه غير متناه ، لأن الشيء عندنا هو الموجودات ، والموجودات متناهية في العدد ، وهذه الآية أحد ما يحتج به على أن المعدوم ليس بشيء ، وذلك لأن المعدوم لو كان شيئا ، لكانت الأشياء غير متناهية ، وقوله : { وأحصى كل شيء عددا } يقتضي كون تلك المحصيات متناهية ، فيلزم الجمع بين كونها متناهية وغير متناهية وذلك محال ، فوجب القطع بأن المعدوم ليس بشيء حتى يندفع هذا التناقض .
والله سبحانه وتعالى أعلم ، والحمد لله رب العالمين ، وصلاته وسلامه على سيد المرسلين ، وخاتم النبيين محمد النبي وآله وصحبه أجمعين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.