روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

{ فبشرناه بغلام حَلِيمٍ } فإنه ظاهر في أن ما بشر به عين ما استوهبه مع أن مثله إنما يقال عرفاً في حق الأولاد ، ولقد جمع بهذا القول بشارات أنه ذكر لاختصاص الغلام به وأنه يبلغ أو أن البلوغ بالسن المعروف فإنه لازم لوصفه بالحليم لأنه لازم لذلك السن بحسب العادة إذ قلما يوجد في الصبيان سعة صدر وحسن صبر وإغضاء في كل أمر ، وجوز أن يكون ذلك مفهوماً من قوله تعالى : { غُلاَمٌ } فإنه قد يختص بما بعد البلوغ وإن كان ورد عاماً وعليه العرف كما ذكره الفقهاء وأنه يكون حليماً وأي حلم مثل حلمه عرض عليه أبوه وهو مراهق الذبح فقال : { سَتَجِدُنِى إِن شَاء الله مِنَ الصابرين } [ الصافات : 102 ] فما ظنك به بعد بلوغه ، وقيل مانعت الله تعالى نبياً بالحلم لعزة وجوده غير إبراهيم وابنه عليهما السلام ، وحالهما المذكورة فيما بعد تدل على ما ذكر فيهما .

[ بم والفاء في قوله تعالى :

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

قوله تعالى : { فبشرناه بغلام حليم } قيل : بغلام في صغره ، حليم في كبره ، ففيه بشارة أنه نبي وأنه يعيش فينتهي في السن حتى يوصف بالحلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَبَشَّرۡنَٰهُ بِغُلَٰمٍ حَلِيمٖ} (101)

قوله : { فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ } بشَّر الله نبيه إبراهيم بغلام ذي حلم إذا هو كبر . أما في طفولته فإنه لا يوصف بالحلم . وهذا الغلام الذي بُشِّر به إبراهيم عليه السلام لهو إسماعيل ؛ فهو أول ولد بُشّر به إبراهيم وهو أكبر من إسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب . وكان مما ذكره أهل الكتاب أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ابنه وحيده . وفي نسخة أخرى بكره . ثم أقحموا بعد ذلك اسم إسحاق على أنه الذبيح ، افتراء على الله وجنوحا للتعصب والباطل وجريا خلف الهوى الجامح ، ولقد أقحموا اسم إسحاق ؛ لأنه أبوهم ، وإسماعيل أبو العرب فحسدوهم فزادوا ذلك وحرّفوا وحيدك على أنه يعي الذي ليس عنده غيره ؛ فإن إسماعيل كان قد ذهب أبوه به وبأمه إلى مكة . لا جرم أن هذا تأويل سقيم ، وتحريف ظالم وهو في غاية العوج والبطلان ؛ فإنه لا يقال وحيدك إلا لمن ليس له غيره . وذهب آخرون إلى أن الذبيح هو إسحق . وليس لهم في ذلك دليل ظاهر في كتاب ولا سنة . قال ابن كثير في هذا المعنى : وما أظن ذلك تُلُقِّي إلا عن أحبار أهل الكتاب وأُخِذ ذلك قسما مُسلَّما من غير حجة .

والأولى بالصواب أن الذبيح هو إسماعيل . ويُحتج لذلك من الكتاب الحكيم بقوله سبحانه : { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } فكيف يأمره بذبحه وقد وعده أن يكون نبيا ، والله جل وعلا صادق الوعد ، وكذلك قوله سبحانه : { فبشّرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } أي يولد له في حياتهما ولد يسمى يعقوب فيكون من ذريته عَقِبٌ ونسل فكيف يؤمر بذبح إسحاق قبل إنجاز الوعد في يعقوب .

وذُكِر عن ابن عباس قوله في هذه المسألة : المفدي إسماعيل وزعمت اليهود أنه إسحق وكذبت اليهود . وروى عنه كثيرون أنه قال : الذبيح إسماعيل .