روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ} (31)

{ مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ } أي مثل جزاء دأبهم أي عادتهم الدائمة من الكفر وإيذاء الرسل ، وقدر المضاف لأن المخوف في الحقيقة جزاء العمل لا هو ، وجاء هذا من نصب { مَثَلُ } الثاني على أنه عطف بيان لمثل الأول لأن آخر ما تناولته الإضافة قوم نوح ، ولو قلت : أهلك الله الأحزاب قوم نوح . وعاد . وثمود لم يكن إلا عطف بيان لإضافة قوم إلى أعلام فسرى ذلك الحكم إلى أول ما تناولته الإضافة .

وقال ابن عطية : هو بدل من { مَثَلُ } [ غافر : 30 ] الأول ، والاحتياج إلى تقدير المضاف على حاله { والذين مِن بَعْدِهِمْ } كقوم لوط { وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لّلْعِبَادِ } أي فما فعل سبحانه بهؤلاء الأحزاب لم يكن ظلماً بل كان عدلاً وقسطاً لأنه عز وجل أرسل إليهم رسلهم بالبينات فكذبوهم وتحزبوا عليهم فاقتضى ذلك اهلاكهم ، وهذا أبلغ من قوله تعالى : { وَمَا رَبُّكَ بظلام لّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] من حيث جعل المنفى فيه إرادة الظلم لأن من كان عن إرادة الظلم بعيداً كان عن الظلم نفسه أبعد ، وحيث نكر الظلم كأنه نفي أن يريد ظلماً ما لعباده ، وجوز الزمخشري أن يكون معناه كمعنى قوله تعالى : { وَلاَ يرضى لِعِبَادِهِ الكفر } [ الزمر : 7 ] أي لا يريد سبحانه لهم أن يظلموا يعني أنه عز وجل دمرهم لأنهم كانوا ظالمين ، ولا يخفى أن هذا المعنى مرجوح لفظاً ومعنى ، ثم لا حجة فيه للمعتزلة لثبوت الفرق بين أراده منه وأراده له فلو سلم أنه سبحانه لا يريد لهم أن يظلمو لم يلزم أن لا يريده منهم والممتنع عند أهل السنة هو هذا فلا احتياج إلى صرف الآية عن الظاهر عندهم أيضاً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ} (31)

قوله تعالى :{ وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم } ، يعني : مثل عادتهم في الإقامة على التكذيب حتى أتاهم العذاب ، { وما الله يريد ظلماً للعباد } أي : لا يهلكهم قبل إيجاب الحجة عليهم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ} (31)

قوله تعالى : { وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ ( 30 ) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ ( 31 ) وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ ( 32 ) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ( 33 ) وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ ( 34 ) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آَمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ } .

قال الرجل المؤمن لقومه ناصحا محذرا إياهم { إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ } أي مثل أيامهم التي غشيهم فيها من الانتقام ما غشيهم . وفي ذلك إشعار لهم بأنه يحب لهم الخير والنجاة ويخشى عليهم مما يسيئهم أو يكرهونه . والمراد بالأحزاب : قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم الكافرة الضالة ؛ فقد كان لكل حزب منهم يوم دمار أهلكهم الله فيه ؛ فمرة هلك قوم نوح بالطوفان ، ومرة أهلك عادا بالريح العاتية ، وكذلك أهل ثمود بالصيحة ، وأهلك الذين من بعدهم من الضالين الخاسرين . وهو بذلك يحذر قوم فرعون مما حاق بأولئك السابقين ويخوفهم نزوله بهم لكي ينزجروا عن طغيانهم وباطلهم ، فيفيئوا إلى الحق والصواب بعبادة الله وحده لا شريك له .

قوله : { وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ } أي أن تدمير أولئك الظالمين ، وأخْذَهم بالعقاب والانتقام كان عدلا من الله ؛ لأنهم استوجبوا ما نزل بهم من الانتقام الشديد بسبب كفرهم وعتوهم وإيغالهم في الضلال والباطل وصدهم عن دين الله .

وما يريد الله سبحانه ظلما لعباده .