اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مِثۡلَ دَأۡبِ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡۚ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلۡمٗا لِّلۡعِبَادِ} (31)

قوله : «مِثْلَ دأبِ » يجوز أن يكون «مثل » بدلاً ، وأن يكون عطف بيان{[48147]} والمعنى مثل دأبهم في عملهم من الكفر والتكذيب وسائر المعاصي دائماً لا يفترون عنه .

ولا بدّ من حذف مضاف يريد مثل جزاء دأبهم . والحاصل أنه خوفهم الهلاك في الدنيا ثم خوفهم هلاك الآخرة { وَمَا الله يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } أي لا يُهْلِكُهُمْ قبل إقامة الحجة عليهم ، والمقصود التنبيه على عذاب الآخرة يعنى أن تدمير أولئك الأحزاب كان عدلاً بأنهم استوجبوه بتكذيبهم الأنبياء ، وتلك العلة قائمة هنا فوجب حصول الحكم هنا .

قالت المعتزلة : وما الله يريد ظلماً للعباد يدل على أنه لا يريد أن يظلم العباد ، ولا يريد الظلم من أحد العباد التبة ، ولو خلق الكفر فيهم ثم عذبهم على ذلك الكفر لكان ظالماً ، وإذا ثبت أنه لا يريد الظلم ألبتة ثبت أنه غير خالق لأفعال العباد ، لأنه لو خلقها لأرادها ، وثبت أيضاً أنه قادر على الظلم إذ لو لم يقدر عليه لما حصل التمدح بترك الظلم ، وهذا الاستدلال قد تقدم مراراً مع الجواب{[48148]} .


[48147]:البيان 2/331 والدر المصون 4/692.
[48148]:وانظر تفسير الإمام فخر الدين 27/60، 61.