روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{لِيَجۡزِيَ ٱللَّهُ كُلَّ نَفۡسٖ مَّا كَسَبَتۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلۡحِسَابِ} (51)

{ لّيَجْزِىَ الله } متعلق بمضمر أي يفعل بهم ذلك ليجزي سبحانه { كُلُّ نَفْسٍ } أي مجرمة بقرينة المقام { مَّا كَسَبَتْ } من أنواع الكفر والمعاصي جزاءاً وفاقاً ، وفيه إيذان بأن جزاءهم مناسب لأعمالهم ، وجوز على هذا الوجه كون النفس أعم من المجرمة والمطيعة لأنه إذا خص المجرمون بالعقاب علم اختصاص المطيعين بالثواب ، مع أن عقاب المجرمين وهم أعداؤهم جزاء لهم أيضاً كما قيل :

من عاش بعد عدوه . . . يوماً فقد بلغ المنا

ويجوز على اعتبار العموم تعلق اللام ببرزوا على تقدير كونه معطوفاً على { تُبَدَّلُ } [ إبراهيم : 48 ] والضمير للخلق ويكون ما بينهما اعتراضاً فلا اعتراض أي برزوا للحساب ليجزي الله تعالى كل نفس مطيعة أو عاصية ما كسبت من خير أو شر { إِنَّ الله سَرِيعُ * الحساب } لأنه لا يشغله سبحانه فيه تأمل وتتبع ولا يمنعه حساب عن حساب حتى يستريح بعضهم عند الاشتغال بمحاسبة الآخرين فيتأخر عنهم العذاب ، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد سريع الانتقام ، وذكر المرتضى في درره وجوهاً أخر في ذلك .