روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَأَلۡقَوۡاْ إِلَى ٱللَّهِ يَوۡمَئِذٍ ٱلسَّلَمَۖ وَضَلَّ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَفۡتَرُونَ} (87)

{ وَأَلْقَوْاْ } أي الذين أشركوا ، وقيل : هم وشركاؤهم جميعاً ، والأكثرون على الأول { إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم } الاستسلام الانقياد لحكمه تعالى العزيز الغالب بعد الإباء والاستكبار في الدنيا فلم يكن لهم إذا ذاك حيلة ولا دفع . وروى يعقوب عن أبي عمرو أنه قرأ { السلام } بإسكان اللام ، قرأ مجاهد السلم بضم السين واللام { وَضَلَّ عَنْهُم } ضاع وبطل { مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } من أن لله سبحانه شركاء وأنهم ينصرونهم ويشفعون لهم حين سمعوا ما سمعوا .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم } [ النحل : 87 ] قيل : هذا في الموقف الثاني حين تضعف غواشي أنفسهم المظلمة وترق حجبها الكثيفة وأما في الموقف الأول حين قوة هيآت الرذائل وشدة شكيمة النفس في الشيطنة فلا يستسلمون كما يشير إليه قوله تعالى : { يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ الله جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ } [ المجادلة : 18 ] وقيل : المستسلمون بعض والحالفون بعض فافهم والله تعالى أعلم .