روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوۡفَ نُعَذِّبُهُۥ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِۦ فَيُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (87)

{ قَالَ } ذو القرنين لذلك النبي أو لمن عنده من خواصه بعد أن تلقى أمره تعلى مختاراً للشق الأخير من شقي التخيير حسبما أرشد إليه { أَمَّا مَن ظَلَمَ } نفسه ولم يقبل دعوتي وأصر على ما كان عليه من الظلم العظيم الذي هو الشرك { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } بالقتل ، والظاهر أنه كان بالسيف ، وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم يوقد تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها وهو بعيد عن الصحة ، وأتى بنون العظمة على عادة الملوك ، وإسناد التعذيب إليه لأنه السبب الآمر ، ودعوى صدور ذلك منه بالذات في غاية البعد ، وقيل : أراد من الضمير الله تعالى ونفسه والإسناد باعتبار الخلق والكسب وهو أيضاً بعيد مع ما فيه من تشريك الله تعالى مع غيره في الضمير وفيه من الخلاف ما علمت { ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبّهِ } في الآخرة { فَيْعَذّبُهُ } فيها { عَذَاباً نُّكْراً } أي منكراً فظيعاً وهو العذاب في نار جهنم ، ونصب { عَذَاباً } على أنه مصدر يعذبه ، وقيل : تنازع فيه هو ونعذبه والمراد بالعذاب النكر نظراً إلى الأول ما روى عن السدي وهو خلاف الظاهر كما لا يخفي . وفي قولو : { إلى رَبّهِ } دون إليك دلالة على أن الخطاب السابق لم يكن بطريق الوحي إليه وإن مقاولته كانت مع النبي أو مع خواصه .