فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوۡفَ نُعَذِّبُهُۥ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِۦ فَيُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا نُّكۡرٗا} (87)

{ قَالَ } ذو القرنين مختاراً للدعوة التي هي الشق الأخير من الترديد { أَمَّا مَن ظَلَمَ } نفسه بالإصرار على الشرك ولم يقبل دعوتي { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } بالقتل في الدنيا { ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبّهِ } في الآخرة { فَيْعَذّبُهُ } فيها { عَذَاباً نُّكْراً } أي : منكراً فظيعاً . قال الزجاج : خيّره الله بين الأمرين . قال النحاس : وردّ عليّ بن سليمان قوله لأنه لم يصح أن ذا القرنين نبيّ فيخاطب بهذا ، فكيف يقول لربه عزّ وجلّ { ثُمَّ يُرَدُّ إلى رَبّهِ } وكيف يقول : { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ } فيخاطبه بالنون ، قال : والتقدير قلنا : يا محمد قالوا : يا ذا القرنين . قال النحاس : وهذا الذي ذكره لا يلزم لجواز أن يكون الله عزّ وجلّ خاطبه على لسان نبيّ في وقته ، وكأن ذا القرنين خاطب أولئك القوم فلا يلزم ما ذكره . ويمكن أن يكون مخاطباً للنبيّ الذي خاطبه الله على لسانه ، أو خاطب قومه الذين وصل بهم إلى ذلك الموضع . قال ثعلب : إن في قوله : { إِمَّا أَن تُعَذّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ } في موضع نصب ، ولو رفعت لكان صواباً بمعنى فأما هو كقول الشاعر :

فسيروا فإما حاجة تقضيانها *** وإما مقيل صالح وصديق

/خ91