{ فَلَمَّا اعتزلهم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله } بالمهاجرة إلى ما تقدم { وَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ } بدل من فارقهم من أبيه وقومه الكفرة لكن لا عقيب المهاجرة . والمشهور أن أول ما وهب له عليه السلام من الأولاد إسماعيل عليه السلام لقوله تعالى : { فبشرناه بغلام حَلِيمٍ } [ الصافات : 101 ] بقوله : { رَبّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين } [ الصافات : 100 ] وكان من هاجر فغارت سارة فحملت بإسحق عليه السلام فلما كبر ولد له يعقوب عليه السلام .
ولعل ترتيب هبتهما على اعتزاله ههنا لبيان كمال عظم النعم التي أعطاها الله تعالى إياه بمقابلة من اعتزلهم من الأهل والأقرباء فإنهما شجرتا الأنبياء ولهما أولاد وأحفاد أو لو شأن خطير وذوو عدد كثير مع أنه سبحانه أراد أن يذكر إسماعيل عليه السلام بفضله على الانفراد . وروى أنه عليه السلام لما قصد الشام أتى أولاً حران وتزوج سارة وولدت له إسحق وولد لإسحاق يعقوب . والأول هو الأقرب الأظهر { وَكُلاًّ } أي كل واحد من إسحق ويعقوب أو منهما ومن إبراهيم عليه السلام وهو مفعول أول لقوله تعالى : { جَعَلْنَا نَبِيّاً } قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة إلى من عداهم بل بالنسبة إلى بعضهم أي كل واحد منهم { جَعَلْنَا نَبِيّاً } لا بعضهم دون بعض ، ولا يظهر في هذا الترتيب على الوجه الثاني في { كَلاَّ } كون إبراهيم عليه السلام نبياً قبل الاعتزال .
ومن باب الإشارة { فَلَمَّا اعتزلهم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله وَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ } [ مريم : 49 ] كأن ذلك كان عوضاً عمن اعتزل من أبيه وقومه لئلا يضيق صدره كما قيل : ولما اعتزل نبينا صلى الله عليه وسلم الكون أجمع ما زاغ البصر وما طغى عوض عليه الصلاة والسلام بأن قال له سبحانه : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [ الفتح : 10 ] .
«واذكر » أيها الحبيب «في الكتاب موسى » الكليم «إنه كان مخلصاً » لله تعالى في سائر شؤونه ، قال الترمذي : المخلص على الحقيقة من يكون مثل موسى عليه السلام ذهب إلى الخضر على السلام ليتأدب به فلم يسامحه في شيء ظهر له منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.