{ وَمَاء مَّسْكُوبٍ } قال سفيان وغيره : جار من غير أخاديد ، وقيل : منساب حيث شاؤوا لا يحتاجون فيه إلى سانية ولا رشاء وذكر هذه الأشياء لما أن كثيراً من المؤمنين لبداوتهم تمنوها ، أخرج عبد بن حميد . وابن جرير . والبيهقي عن مجاهد قال : كانوا يعجبون بوج وظلاله من طلحة وسدره فأنزل الله تعالى : { وأصحاب اليمين مَا أصحاب اليمين فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } [ الواقعة : 72 ، 82 ] الخ ، وفي رواية عن الضحاك «نظر المسلمون إلى وج فأعجبهم سدره وقالوا : يا ليت لنا مثل هذا فنزلت هذه الآية » .
/ وقيل : كأنه لما شبه حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن من كونهم على سرر تطوف عليهم خدامهم بأنواع الملاذ شبه حال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البوادي من نزولهم في أماكن مخصبة فيها مياه وأشجار وظلال إيذاناً بأن التفاوت بين الفريقين كالتفاوت بين أهل المدن والبوادي ، وذكر الإمام مدعياً أنه مما وفق له أن قوله تعالى : { فِى سِدْرٍ مَّخْضُودٍ وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } [ الواقعة : 28 ، 29 ] من باب قوله سبحانه : { رَّبُّ المشرق والمغرب } [ الشعراء : 28 ] لأن السدر أوراقه في غاية الصغر والصلح يعني الموز أوراقه في غاية الكبر فوقعت الأشارة إلى الطرفين فيراد جميع الأشجار لأنها نظراً إلى أوراقها محصورة بينهما وهو مما لا بأس به ، وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه ، وجعفر بن محمد . وعبد الله رضي الله تعالى عنهم وطلع بالعين بدل { وَطَلْحٍ } بالحاء ، وأخرج ابن الأنباري في المصاحف . وابن جرير عن قيس بن عباد قال : قرأت على علي كرم الله تعالى وجهه { وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ } فقال : ما بال الطلح ؟ أما تقرأ وطلع ، ثم قرأ قوله تعالى : { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } [ ق : 10 ] فقيل له : يا أمير المؤمنين أنحكها من المصحف ؟ فقال : لا يهاج القرآن اليوم وهي رواية غير صحيحة كما نبه على ذلك الطيبي ، وكيف يقرأ أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه تحريفاً في كتاب الله تعالى المتداول بين الناس ، أو كيف يظنّ بأن نقلة القرآن ورواته وكتابه من قبل تعمدوا ذلك أو غفلوا عنه ؟ هذا والله تعالى قد تكفل بحفظه سبحانك هذا بهتان عظيم .
ثم إن الذي يقتضيه النظم الجليل كما قال الطيبي : حمل { فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ } [ الواقعة : 28 ] الخ على معنى التظليل ، وتكاثف الأشجار على سبيل الترقي لأن الفواكه مستغنى عنها بما بعد وليقابل قوله تعالى : { وأصحاب الشمال مَا أصحاب الشمال فِى سَمُومٍ وَحَمِيمٍ وَظِلّ مّن يَحْمُومٍ } [ الواقعة : 41 43 ] قوله سبحانه : { وأصحاب اليمين } الخ فاذن لا مدخل لحديث الطلع في معنى الظل وما يتصل به لكن قال صاحب الكشف : إن وصف الطلح بكونه منضوداً لا يظهر له كثير ملاءمة لكون المقصود منفعة التظليل وينبغي أن يحمل الطلح على أنه من عظام العضاه على ما ذكره في الصحاح فشجر أم غيلان والموز لا ظل لهما يعتد به ، ثم قال : ولو حمل الطلح على المشموم لكن وجهاً انتهى ، وقد قدمنا لك خبر سبب النزول فلا تغفل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.