روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{لَّا بَارِدٖ وَلَا كَرِيمٍ} (44)

{ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } صفتان له ، وتقديم الصفة الجار والمجرور على الصفة المفردة جائز كما صرح به الرضى وغيره أي لا بارد كسائر الظلال ، ولا نافع لمن يأوى إليه من أذى الحر وذلك كرمه فهناك استعارة ، ونفي ذلك ليمحق توهم ما في الظل من الاسترواح إليه وإن وصف أولا بقوله تعالى : { مّن يَحْمُومٍ } والمعنى أنه ظل حار ضار إلا أن للنفي شأنا ليس للإثبات ومن ذلك جاء التهكم والتعريض بأن الذي يستأهل الظل الذي فيه برد وإكرام غير هؤلاء فيكون أشجى لحلوقهم وأشد لتحسرهم ، وقيل : الكرم باعتبار أنه مرضى في بابه ، فالظل الكريم هو المرضى في برده وروحه ، وفيه أنه لا يلائم ما هنا لقوله تعالى : { لاَّ بَارِدٍ } وجوز أن يكون ذلك نفياً لكرامة من يستروح إليه ونسب إلى الظل مجازاً ، والمراد أنهم يستظلون به وهم مهانون ، وقد يحتمل المجلس الرديء لنيل الكرامة ، وفي البحر يجوز أن يكونا صفتين ليحموم ويلزم منه وصف الظل بهما ، وتعقب بأن وصف اليحموم هو والدخان بذلك ليس فيه كبير فائدة ، وقرأ ابن أبي عبلة { لاَّ بَارِدٍ وَلاَ كَرِيمٍ } برفعهما أي لا هو بارد ولا كريم على حدّ قوله

: فأبيت لا حرج ولا محروم *** أي لا أنا حرج ولا محروم .