روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوٓاْ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (113)

{ وَجَاء السحرة فِرْعَوْنَ } بعدما أرسل إليهم الحاشرين وإنما لم يصرح به للإيذان بمسارعة فرعون بالإرسال ومبادرة الحاشرين والسحرة إلى الامتثال .

واختلف في عدتهم . فعن كعب أنهم إثنا عشر ألفاً ، وعن ابن إسحق خمسة عشر ألفاً ، وعن أبي ثمامة سبعة عشر ألفاً ، وفي رواية تسعة عشر ألفاً ؛ وعن السدي بضعة وثلاثون ألفاً ، وعن أبي بزة أنهم سبعون ألفاً ، وعن محمد بن كعب ثمانون ألفاً . وأخرج أبو الشيخ عن ابن جرير قال : السحرة ثلثمائة من قومه وثلمائة من العريش ويشكون في ثلثمائة من الاسكندرية .

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنهم كانوا سبعين ساحراً وقد أخذوا السحر من رجلين مجوسيين من أهل نينوى مدينة يونس عليه السلام ، وروى نحو ذلك عن الكلبي ، والظاهر عدم صحته لأن المجوسية ظهرت زمن زرادشت على المشهور ، وهو إنما جاء بعد موسى عليه السلام ، واسم رئيسهم كما قال مقاتل : شمعون وقال ابن جريج : هو يوحنا ، وقال ابن الجوزي نقلاً عن علماء السير : أن رؤساءهم سابور وعازور وحطحط ومصفى { قَالُواْ } استئناف بياني ولذا لم يعطف كأنه قيل : فماذا قالوا له عند مجيئهم إياه ؟ فقيل : قالوا الخ ، وهذا أولى مما قيل إنه حال من فاعل جاءوا أي جاءوا قائلين { إِنَّ لَنَا لاجْرًا } أي عوضاً وجزاء عظيماً .

{ إِن كُنَّا نَحْنُ الغالبين } والمقصود من الإخبار إيجاب الأجر واشتراطه كأنهم قالوا : بشرط أن تجعل لنا أجراً إن غلبنا ، ويحتمل أن يكون الكلام على حذف أداة الاستفهام وهو مطرد ، ويؤيد ذلك أنه قرأ ابن عامر وغيره { أئن } بإثبات الهمزة وتوافق القراءتين أولى من تخالفهما ؛ ومن هنا رجح الواحدي هذا الاحتمال ، وذكر الشرط لمجرد تعيين مناط ثبوت الأجر لا لترددهم في الغلبة ، وقيل : له ، وتوسيط الضمير وتحلية الخبر باللام للقصر ، أي كنا نحن الغالبين لاموسى عليه السلام .