الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوٓاْ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (113)

قوله تعالى : { قَالْواْ إِنَّ لَنَا } : في هذه الجملة وجهان ، أظهرهما : أنها لامحلَّ لها من الإِعراب لأنها استئنافُ جوابٍ لسؤال مقدر ، ولذلك لم تُعْطَفْ بالفاء على ما قبلها . قال الزمخشري : " فإن قلت : هلاقيل : وجاء السحرة فرعون فقالوا . قلت : هو على تقدير سائل سأل : ما قالوا إذ جاؤوه ؟ فأُجيب بقوله : قالوا أإن لنا لأجراً " ، وهذا قد سبقه إليه الواحدي ، إلا أنه قال : " ولم يقل فقالوا ، لأن المعنى لما جاؤوا قالوا ، فلم يَصِحَّ دخولُ الفاءِ على هذا الوجه " . والوجه الثاني : أنها في محلِّ نصبٍ على الحال من فاعل " جاؤوا " قاله الحوفي .

وقرأ الحَرَمِيَّان وحفص عن عاصم " إنَّ " بهمزة واحدة ، والباقون بهمزتين على الاستفهام . وهم على أصولهم في التحقيق والتسهيل وإدخال ألفٍ بينهما وعدمِه . فقراءةُ الحَرَمِيَّيْن على الإِخبار ، وجوَّز الفارسي أن تكونَ على نية الاستفهام يدل عليه قراءة الباقين ، وجَعَلوا ذلك مثلَ قولِه تعالى : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ } [ الشعراء : 22 ] وقولِ الشاعر :

أفرحُ أَنْ أُرْزَأَ الكرام وأنْ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقول الآخر :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** . . . . . . . . . . . . وذو الشيب يلعبُ

وقد تقدم تحقيق هذا وأنه مذهب أبي الحسن . ونكَّر " أجراً " للتعظيم . قال الزمخشري : " كقولهم : إنَّ له لإِبلاً وإن له لغنماً " .

قوله : { إِن كُنَّا } شرطٌ جوابُه محذوفٌ للدلالة عليه عند الجمهور ، أو ما تقدَّم عندَنْ يُجيز تقديمَ جوابِ الشرط عليه . و " نحن " يجوز فيه أن يكونَ تأكيداً للضمير المرفوع ، وأن يكون فَصْلاً فلا محلَّ له عند البصريين ، ومحلُّه الرفعُ عند الكسائي ، والنصب عند الفراء .