البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوٓاْ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (113)

{ وجاء السحرة فرعون قالوا إنّ لنا لأجراً إن كنا نحن الغالبين } في الكلام حذف يقتضيه المعنى وتقديره فأرسل حاشرين وجمعوا السحرة وأمرهم بالمجيء واضطرب الناقلون للأخبار في عددهم اضطراباً متناقضاً يعجب العاقل من تسطيره في الكتب فمن قائل تسعمائة ألف ساحر وقائل سبعين ساحراً فما بينهما من الأعداد المعينة المتناقضة { وجاء } قالوا : بغير حرف عطف لأنه على تقدير جواب سائل سأل ما قالوه إذ جاء قالوا { إن لنا لأجراً } أي جعلاً ، وقال الحوفي { وقالوا } في موضع الحال من السحرة والعامل { جاء } ، وقرأ الحرميان وحفص { إن } على وجه الخبر واشتراط الأجر وإيجابه على تقدير الغلبة ولا يريدون مطلق الأجر بل المعنى لأجراً عظيماً ولهذا قال الزمخشري : والتنكير للتعظيم كقول العرب إن له لإبلاً وإن له لغنماً يقصدون الكثرة وجوّز أبو علي أن تكون { إن } استفهاماً حذفت منه الهمزة كقراءة الباقين الذين أثبتوها وهم الأخوان وابن عامر وأبو بكر وأبو عمرو فمنهم من حققهما ومنهم من سهل الثانية ومنهم من أدخل بينهما ألفاً والخلاف في كتب القراءات وفي خطاب السحرة بذلك لفرعون دليل على استطالتهم عليه باحتياجه إليهم وبما يحصل للعالم بالشيء من الترفع على من يحتاج إليه وعلى من لا يعلم مثل علمه و { نحن } إما تأكيد للضمير وإما فصل وجواب الشرط محذوف ، وقال الحوفي في جوابه ما تقدم .