اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَجَآءَ ٱلسَّحَرَةُ فِرۡعَوۡنَ قَالُوٓاْ إِنَّ لَنَا لَأَجۡرًا إِن كُنَّا نَحۡنُ ٱلۡغَٰلِبِينَ} (113)

وحذف ذكر الإرْسَالِ لعلم السَّامع .

وفي قوله : { إِنَّ لَنَا لأَجْراً } وجهان :

أظهرهما : أنَّهَا لا محلَّ لها من الإعْرَاب ؛ لأنَّها استئناف جواب لسؤال مقدر ، ولذلك لم تعطف بالفاء على ما قبلها .

قال الزمخشريُّ{[16678]} : فإن قلت : هلا قيل : " وجاءَ السَّحرةُ فرعون فقالوا " .

قلت : هو على تقدير سائل سأل : ما قالوا إذ جاءوه ؟ فأجيب بقوله قالوا : " أإن لنا لأجراً " وهذا قد سبقه إليه الواحديُّ{[16679]} إلاَّ أنه قال : " ولم يقل " فقالوا " لأنَّ المعنى لما جاءوا قالوا " فلم يصحَّ دخول الفاء على هذه الوَجْهِ .

والوجه الثاني : أنَّهَا في محلِّ نَصْبٍ على الحال من فاعل " جاءُوا " قاله الحوفي .

وقرأ نَافِعٌ{[16680]} وابن كثير وحفصٌ عن عاصم " إنَّ " بهمزة واحدة بكسر الألف على الخبر والباقُونَ بهمزتين على الاستفهام . وهم على أصولهم من التحقيق والتسهيل وإدخال ألفٍ بينهما وعدمه .

فقراءة الحَرَميِّيْن على الإخبار ، وجوَّز الفارسيُّ{[16681]} أن تكون على نيَّةِ الاستفهامِ يدلُّ عليه قراءة الباقين .

قال الواحديُّ{[16682]} : الاستفهام أحْسَنُ في هذا الموضع ؛ لأنَّهُم أرادوا أن يعلموا هل لهم أجر أم لا ، ولا يقطعون على أن لهم الأجر ، ويقوي ذلك إجماعهم في سورة " الشعراء " على الاستفهام .

وحجَّةُ نافع وابن كثير أنَّهُما أرادا همزة الاستفهام ، ولكنهما حذفا ذلك من اللَّفْظِ ، وإن كانت باقية في المعنى كقوله تعالى : { وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ } [ الشعراء : 22 ] وقول الشاعر : [ المنسرح ]

أفْرَحُ أنْ أرْزَأ الكِرَامَ وَأنْ *** . . . {[16683]}

وقول الآخر : [ الطويل ]

. . . *** . . . وَذُو الشَّيْبِ يَلْعَبُ{[16684]}

وكقوله : { هذا رَبِّي } [ الأنعام : 76 ] التقدير : أهذا ربي ؟ وقد تقدَّم تحقيق هذا ، وأنَّهُ مذهب أبي الحسن ونكر " أجراً " للتعظيم .

قال الزَّمخشريُّ{[16685]} : " كقول العربِ : إنَّ له لإبلاً وإن له لغنماً يقصدون الكثرة " .

قوله : " إنْ كُنَّا " شرط جوابه محذوفٌ للدِّلالة عليه عند الجمهور ، أو ما تقدَّم عند من يجيز تقديم جواب الشَّرْط عليه .

و " نَحْنُ " يجوز فيه أن يكون تأكيداً للضَّمير المرفوع ، وأن يكون فصلاً فلا محل له عند البصريين ، ومحله الرَّفع عند الكسائيِّ ، والنَّصب عند الفرَّاء .


[16678]:ينظر: الكشاف 2/139.
[16679]:ينظر: تفسير الرازي 14/164.
[16680]:ينظر: السبعة 289، والحجة 4/64، وإعراب القراءات 1/200، وحجة القراءات 292، وإتحاف 2/58.
[16681]:ينظر: الحجة 4/65.
[16682]:ينظر: تفسير الرازي 14/163.
[16683]:تقدم.
[16684]:تقدم.
[16685]:ينظر: الكشاف 2/139.