التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ} (117)

قوله : { وما كان ربك ليهلك القرى ظلم وأهلها مصلحون } المراد من الظلم هنا ، الشرك ؛ أي أن الله لا يهلك الناس بسبب شركهم إذا كانوا فيما بينهم مصلحين غير مفسدين ولا متظالمين ، بل يتعاطون الحق فيما بينهم ، بل يتعاطون الحق فيما بينهم ، ويعامل بعضهم بعضا على الصلاح والخير والسداد وإن كانوا مشركين . قال الرازي في هذا المعنى : غنه تعالى لا يهلك أهل القرى بمجرد كونهم مشركين إذا كانوا مصلحين في المعاملات فيما بينهم . والحاصل أن عذاب الاستئصال لا ينزل لأجل كون القوم معتقدين للشرك والكفر ؛ بل إنما ينزل ذلك العذاب إذا أساءوا في المعاملات وسعوا في الإيذاء والظلم . ولهذا قال الفقهاء : إن حقوق الله تعالى مبناها على المسامحة والمساهلة ، وحقوق العباد مبناها على الضيق والشح{[2192]} .

وقيل : المعنى أن الله لا يهلك القرى ظلما منه وأهلها مصلحون غير مسيئين ، بل يهلكهم لطغيانهم وإسرافهم في تكذيب المرسلين وفعلهم السيئات والمعاصي{[2193]} .


[2192]:الرازي جـ 18 ص 78.
[2193]:تفسير الطبري جـ 12 ص 84.