تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهۡلِكَ ٱلۡقُرَىٰ بِظُلۡمٖ وَأَهۡلُهَا مُصۡلِحُونَ} (117)

وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ ) أي ما كان ربك ليهلك القرى إهلاك استئصال وانتقام ، وأهلها مصلحون . إنما نهلك القرى إذا كان أهلها مفسدين ، أو عامة أهلها مفسدين .

هذا يدل أن الحكم في الدار إنما يكون بغلبة أهلها ، إن كان أكثر أهلها أهل الإسلام ، فالحكم حكم الإسلام وإن كان عامة أهلها أهل الحرب والكفر ، فالحكم[ في الأصل وم : والحكم ] حكمهم ، ولا يسمى أهلها كلهم بالكفر والفساد إذا كان أكثر أهلها مصلحين .

ألا ترى أنه قال في قوم لوط ( إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء ) ؟ [ العنكبوت : 34 ] سمى أهل قرية ، وإن كان فيها لوط ، وأهله مصلحون ، لم يعد لوط وأهله من أهلها .

وقوله تعالى : ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم ) أي لا يكون في إهلاكهم ظالما . ثم يخرج على وجهين :

أحدهما : أن الخلق له ، فهو بإهلاكه لم يكن ظالما لأنه أهلك ماله . والثاني : أنه إنما يهلكهم بظلم كان منهم كقوله : ( وما ظلمتهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )[ النحل : 118 ] .