التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا} (52)

قوله : { فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا } يحذر الله نبيه محمدا ( ص ) من طاعة المشركين فيما يدعونه إليه من موافقتهم ومداهنتهم ؛ فإنهم كانوا قد استمعوا إليه ورغبوا منه في أن يرجع إلى دين الآباء والأجداد وله في مقابلة ذلك أن يملكوه عليهم ، وأن يجمعوا له المال فيكون أعظمهم مالا . فنهاه الله تعالى عن طاعتهم وحذره الجنوح إلى قولهم ؛ فإنه على الحق المبين ، واليقين الناصع المستقيم . أما هم فإنهم على الباطل والضلالة والتخمين . ثم أمره ربه أن يجهادهم به جهادا كبيرا ؛ أي يجاهدهم بالقرآن وما حواه من ظواهر شتى في الإعجاز على تعدد صوره وضروبه ، أو يجاهدهم بالإسلام فيبين لهم صلوح هذا الدين الكامل الشامل . الدين الذي تترسخ فيه قواعد الخير والعدل والرحمة للبشرية لتمضي في حياتها سالمة آمنة مطمئنة تفيض فيها الرحمة والمودة والإخاء ، وتجللها المهابة ووحدة الكلمة والصف والأوطان . وهذه مجاهدة عظيمة يكبر حملها والاضطلاع بها لما يجده المجاهدون في سبيل الله ومن أجل دعوة الإسلام وإعلاء راية القرآن ، من المعوقات والمصاعب على الطريق . المصاعب التي يزرعها خصوم الحق وأعداء الإسلام ، وهم كثيرون منتشرون في كل بقاع الدنيا .