الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا} (52)

{ فَلاَ تُطِعِ الكافرين } فيما يريدونك عليه ، وإنما أراد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم { بِهِ } والضمير للقرآن أو لترك الطاعة الذي يدلّ عليه : { فَلاَ تُطِعِ } والمراد : أن الكفار يجدون ويجتهدون في توهين أمرك ، فقابلهم من جدّك واجتهادك وعضك على نواجذك بما تغلبهم به وتعلوهم ، وجعله جهاداً كبيراً لما يحتمل فيه من المشاق العظام . ويجوز أن يرجع الضمير في { بِهِ } إلى ما دلّ عليه : { وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِى كُلّ قَرْيَةٍ نَّذِيراً } من كونه نذير كافة القرى ، لأنه لو بعث في كل قرية نذيراً لوجبت على كل نذير مجاهدة قريته ، فاجتمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المجاهدات كلها ، فكبر جهاده من أجل ذلك وعظم ، فقال له : { وجاهدهم } بسبب كونك نذير كافة القرى { جِهَاداً كَبيراً } جامعاً لكل مجاهدة .