فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا} (52)

{ فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا52 }

كأنما أراد المولى سبحانه-وهو أعلم بالمراد- تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على عدم مطاوعة الكافرين- وربما كان يكفر في مداهنتهم استدعاء لهم إلى الإسلام- وذهب إلى نحو ذلك النحاس ، وقل لهم ما أمرتك بقوله : ) لكم دينكم ولي دين( {[2609]}وجاهدهم بالقرآن وسلطانه ، وحجته وبرهانه جهادا صابرا لا فتور معه ، [ فإن دعوة كل العالمين على وجه المذكور جهاد كبير لا يقادر قدره . . . . بعثناك نذيرا لجميع القرى ، وفضلناك وعظمناك ولم نبعث في كل قرية نذيرا ، فقابل ذلك بالثبات والاجتهاد في الدعوة وإظهار الحق . . . لما ذكر ما يدل على حرصه صلى الله عليه وسلم على طلب هداهم وتمارضهم في ذلك في قوله سبحانه : { أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا }وذنب{[2610]} بدلائل القدرة والنعمة والرحمة دلالة على أنهم لا ينفع فيهم الاحتشاد ، وأنهم يغمطون مثل هذه النعم ، ويغفلون عن عظمة موجدها- سبحانه- وجعلوا كالأنعام وأضل ، وختم بأنه ليس لهم مراد إلا كفور نعمته قيل : { ولو شئنا } على معنى : أنا عظمناك بهذا الأمر لتستقل بأعبائه ، وتحوز ما دخر لك من جنس جزائه ، فعليك بالمجاهدة والمصابرة ، ولا عليك من تلقيهم الدعوة بالإباء والمشاجرة ، وبولغ فيه فجعل حرصه صلى الله عليه وسلم على إيمان هؤلاء المطبوع على قلوبهم طاعة لهم . وقيل : فلا تطعهم . . . ويستدل بالآية على الوجه المأثور على عظم جهاد العلماء لأعداء الدين بما يوردون عليهم من الأدلة ، وأوفر حظا المجاهدون بالقرآن منهم ] . {[2611]}


[2609]:سورة الكافرون. الآية 6.
[2610]:قفى وعقب.
[2611]:مابين العلامتين [ ] أورده صاحب روح المعاني.