التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ مِنَ ٱلۡمَآءِ بَشَرٗا فَجَعَلَهُۥ نَسَبٗا وَصِهۡرٗاۗ وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرٗا} (54)

قوله : ( وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا ) البشر ، عموم بني آدم . فقد خلق الله الإنسان من نطفة مهينة مستقذرة ؛ إذ جعلها تمر في مراحل متعاقبة ، طورا بعد طور . بدءا بالجنين ، وانتهاء بالإنسان المكتمل ذي السمع والبصر والحس والعقل والإرادة .

قوله : ( فجعله نسبا وصهرا ) النسب والصهر يعمان كل قربى بين آدميين . وذلك قسمان : ذوو نسب{[3336]} أي ذكور ، يُنسب إليهم . وذوو صهر . أي إناث يصاهر بهن .

قال ابن كثير في هذا المعنى : هو في ابتداء أمره ولد نسيب ثم يتزوج فيصير صهرا ثم يصير له أصهار وأختان{[3337]} وقرابات ، وكل ذلك من ماء مهين .

قوله : ( وكان ربك قديرا ) ودليل قدرته ما ذكره من عجيب صنعه ؛ إذ جعل من النطفة المهينة المستقذرة بشرا بنوعيه : الذكر والأنثى ، فكانت الحياة بأطوارها ومراحلها ، وصوره من الأمن والاستقرار والبحبوحة والرحمة . أو خلاف ذلك من الخوف والاضطراب والشظف والظلم . وكذلك كان الناس بشعوبهم وقبائلهم وأفرادهم ومجتمعاتهم . وكل ذلك يدل على قدرة الصانع الحكيم{[3338]} .


[3336]:- النسب: القرابة. انظر القاموس المحيط ص 176.
[3337]:- أختان: جمع ختن بسكون التاء. أي أصهار. انظر القاموس المحيط ص 1540.
[3338]:- البحر المحيط جـ6 ص 464 وتفسير البيضاوي ص 483 وتفسير النسفي جـ3 ص 171.