فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَجَٰهِدۡهُم بِهِۦ جِهَادٗا كَبِيرٗا} (52)

{ فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ } فيما يدعونك إليه من إتباع آلهتهم ، بل اجتهد في الدعوة وأثبت فيها ولا تضجر { وَجَاهِدْهُم بِهِ } أي بالقرآن واتل عليهم ما فيه من القوارع ، والنواذر والزواجر والأوامر والنواهي ، وقيل الضمير يرجع إلى الله أو الإسلام أو إلى السيف . والأول أولى ، وهذه السورة مكية والأمر بالقتال إنما كان بعد الهجرة ، وقيل راجع إلى ترك الطاعة المفهوم من قوله فلا تطع الكافرين ، وقيل الضمير يرجع إلى ما دل عليه ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ، من كونه نذير كافة القرى لأنه سبحانه لو بعث في كل قرية نذيرا لم يكن على كل نذير إلا مجاهدة القرية التي أرسل إليها ، وحين اقتصر على نذير واحد لكل القرى وهو محمد صلى الله عليه وآله وسلم فلا جرم اجتمع عليه كل المجاهدات فكبر جهاده وعظم فكأنه قال له : وجاهدهم بسبب كونك نذير كافة القرى جهادا جامعا . لكل مجاهدة ولا يخفى ما في هذين الوجهين من البعد .

{ جِهَادًا كَبِيرًا } أي شديدا عظيما موقعه عند الله لما يحتمل فيه من المشاق لأن مجاهدة السفهاء بالحجج أكبر من مجاهدة الأعداء بالسيوف وأريد بهذا تهييجه وتهييج المؤمنين وتحريكهم ،