التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰ} (8)

تذييل لما قبله لأنّ ما قبله تضمن صفات من فعل الله تعالى ومن خَلقه ومن عظمته فجاء هذا التذييل بما يجمع صفاته .

واسم الجلالة خبر لمبتدأ محذوف . والتقدير : هو الله ، جرياً على ما تقدّم عند قوله تعالى : { الرحمن على العَرْشِ استوى } [ طه : 5 ] .

وجملة { لا إله إلاَّ هُو } حال من اسم الجلالة . وكذلك جملة { لهُ الأسماءُ الحسنى } .

والأسماء : الكلمات الدالة على الاتّصاف بحقائق . وهي بالنسبة إلى الله : إما علَم وهو اسم الجلالة خاصةً . وإما وصف مثل الرحمان والجبّار وبقية الأسماء الحسنى .

وتقديم المجرور في قوله { له الأسماءُ الحُسْنى } للاختصاص ، أي لا لغيره لأنّ غيره إما أن يكون اسمه مجرداً من المعاني المدلولة للأسماء مثل الأصنام ، وإما أن تكون حقائقها فيه غير بالغة منتهى كمال حقيقتها كاتصاف البشر بالرحمة والمِلك ، وإما أن يكون الاتّصاف بها كَذباً لا حقيقة ، كاتصاف البشر بالكِبْر ، إذ ليس أهلاً للكبر والجبروت والعزّة .

ووصْف الأسمَاءُ بالحسنى لأنها دالة على حقائق كاملة بالنسبة إلى المسمى بها تعالى وتقدس . وذلك ظاهر في غير اسم الجلالة ، وأما في اسم الجلالة الذي هو الاسم العلَم فلأنه مخالف للأعلام من حيث إنّه في الأصل وصف دال على الانفراد بالإلهية لأنّه دال على الإله ، وعُرّف باللام الدالة على انحصار الحقيقة عنده ، فكان جامعاً لمعنى وجوب الوجود ، واستحق العبادة لوجود أسباب استحقاقها عنده .

وقد تقدم شيء من هذا عند قوله تعالى : { ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها } في سورة الأعراف ( 180 ) .