التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشۡفِقُونَ} (49)

وصفهم بما يزيد معنى المتقين بياناً بقوله تعالى : { الذين يخشون ربهم بالغيب } وهو على نحو قوله تعالى : { هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب } في [ سورة البقرة : 23 ] .

والباء في قوله تعالى { بالغيب } بمعنى ( في ) . والغيب : ما غاب عن عيون الناس ، أي يخشون ربهم في خاصتهم لا يريدون بذلك رياء ولا لأجل خوف الزواجر الدنيوية والمذمة من الناس .

والإشفاق : رجاء حادث مخوف . ومعنى الإشفاق من الساعة : الإشفاق من أهوالها ، فهم يعدُّون لها عُدَّتها بالتقوى بقدر الاستطاعة .

وفيه تعريض بالذين لم يهتدوا بكتاب الله تعالى بدلالة مفهوم المخالفة لقوله تعالى : { الذين يخشون ربهم بالغيب } . فمن لم يهتد بكتاب الله فليس هو من الذين يخشون ربهم بالغيب ، وهؤلاء هم فرعون وقومه .