فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُم بِٱلۡغَيۡبِ وَهُم مِّنَ ٱلسَّاعَةِ مُشۡفِقُونَ} (49)

{ ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين } المراد بالفرقان هنا التوراة قاله أبو صالح ، وعن قتادة مثله لأن فيها الفرق بين الحلال والحرام والحق والباطل .

وقال ابن زيد الفرقان : الحق ، وقيل الفرقان هنا هو النصر على الأعداء كما في قوله : وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان ؛ قال الثعلبي : وهذا القول أشبه بظاهر الآية ، ومعنى ضياء أنهم استضاءوا بها في ظلمات الجهل والغواية ، ومعنى الذكر الموعظة أي أنهم يتعظون بما فيها .

وخص المتقين لأنهم ينتفعون بذلك ووصفهم بقوله : { الذين يخشون ربهم بالغيب } لأن هذه الخشية تلازم التقوى أو يخشون عذابه وهو غائب عنهم أو هم غائبون عنه ، لأنهم في الدنيا ، والعذاب في الآخرة ؛ وقيل يخافونه في الخلوات إذا غابوا عن أعين الناس .

{ وهم من الساعة مشفقون } أي وهم من أهوال القيامة خائفون وجلون ، وهذا من ذكر الخاص بعد العام ، لكونها أعظم المخلوقات وللتنصيص على إنصافهم بضد ما أنصف به المستعجلون وإيثار الجملة الاسمية للدلالة على ثبات الإشفاق ودوامه .