التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

تفريع { فَوَقاهُ الله } مؤذن بأنهم أضمروا مكراً به . وتسميته مكراً مؤذن بأنهم لم يُشعروه به وأن الله تكفل بوقايته لأنه فوَّض أمره إليه . والمعنى : فأنجاه الله ، فيجوز أن يكون نجا مع موسى وبني إسرائيل فخرج معهم ، ويجوز أن يكون فرّ من فرعون ولم يعثروا عليه .

و ( ما ) مصدرية . والمعنى : سيئات مكْرهم . وإضافة { سيئات } إلى ( مكر ) إضافة بيانية ، وهي هنا في قوة إضافة الصفة إلى الموصوف لأن المكر سيّء . l وإنما جُمع السيئات باعتبار تعدد أنواع مكرهم التي بيّتوها .

وحَاق : أحاط . والعذاب : الغَرَق . والتعريف للعهد لأنه مشهور معلوم . وتقدم له ذكر في السور النازلة قبل هذه السورة .

ومناسبة فعل { حَاق } لذلك العذاب أنه مما يَحيق على الحقيقة ، وإنما كان الغَرَق سوء عذاب لأن الغريق يعذب باحتباس النفَس مدة وهو يطفو على الماء ويغوص فيه ويُرعبه هول الأمواج وهو مُوقن بالهلاك ثم يكون عُرضة لأكْل الحيتان حيًّا وميِّتاً وذلك ألم في الحياة وخزي بعد الممات يُذكرون به بين الناس .