السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

{ فوقاه الله } أي : حصل له وقاية تنجيه منهم جزاء على تفويضه { سيئات } أي : شدائد { ما مكروا } ديناً ودنيا فنجاه مع موسى عليه السلام ، قال قتادة : وكان قبطياً تصديقاً لوعده سبحانه بقوله تعالى : { أنتما ومن اتّبعكما الغالبون } ( القصص : 35 ) .

ولما كان المكر السيئ لا يحيق إلا بأهله قال تعالى : { وحاق } أي : نزل محيطاً بعد إحاطة الإغراق { بآل فرعون } أي : فرعون وأتباعه لأجل إصرارهم على الكفر ومكرهم هذا إن قلنا : إن الآل مشترك بين الشخص وأتباعه وإن لم نقل ذلك فالإحاقة بفرعون من باب أولى لأن العادة جرت أنه لا يوصل إلى جميع أتباع الإنسان إلا بعد إذلاله وأخذه { سوء العذاب } أي : الغرق في الدنيا والنار في الآخرة ، فإن قيل : قوله تعالى : { وحاق بآل فرعون سوء العذاب } معناه : أنه رجع إليهم ما هموا به من المكر بالمسلمين ، كقول العرب : من حفر لأخيه جباً وقع فيه منكباً ، فإذا فسر سوء العذاب بالغرق في الدنيا ونار جهنم في الآخرة لم يكن مكرهم راجعاً إليهم لأنهم لا يعذبون بذلك ؟ أجيب : بأنهم هموا بشر فأصابهم ما وقع عليه اسم السوء ولا يشترط في الحيق أن يكون الحائق ذلك السوء بعينه .