مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

قوله تعالى : { فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب * وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار * قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد * وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب * قالوا أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال } .

اعلم أنه تعالى لما بين أن ذلك الرجل لم يقصر في تقرير الدين الحق ، وفي الذب عنه فالله تعالى رد عنه كيد الكافرين وقصد القاصدين ، وقوله تعالى : { فوقاه الله سيئات ما مكروا } يدل على أنه لما صرح بتقرير الحق فقد قصدوه بنوع من أنواع السوء ، قال مقاتل لما ذكر هذه الكلمات قصدوا قتله فهرب منهم إلى الجبل فطلبوه فلم يقدروا عليه ، وقيل المراد بقوله { فوقاه الله سيئات ما مكروا } أنهم قصدوا إدخاله في الكفر وصرفه عن الإسلام { فوقاه الله } عن ذلك إلا أن الأول أولى لأن قوله بعد ذلك { وحاق بئال فرعون سوء العذاب } لا يليق إلا بالوجه الأول ، وقوله تعالى : { وحاق بئال فرعون } أي أحاط بهم { سوء العذاب } أي غرقوا في البحر .

وقيل بل المراد منه النار المذكورة في قوله { النار يعرضون عليها } قال الزجاج { النار } بدل من قوله { سوء العذاب } قال : وجائز أيضا أن تكون مرتفعة على إضمار تفسير { سوء العذاب } كأن قائلا قال : ما سوء العذاب ؟ فقيل : { النار يعرضون عليها } .

قرأ حمزة { حاق } بكسر الحاء وكذلك في كل القرآن والباقون بالفتح .