روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{فَوَقَىٰهُ ٱللَّهُ سَيِّـَٔاتِ مَا مَكَرُواْۖ وَحَاقَ بِـَٔالِ فِرۡعَوۡنَ سُوٓءُ ٱلۡعَذَابِ} (45)

{ فَوقَاهُ الله سَيّئَاتِ مَا مَكَرُواْ } ويحتمل أن يكون متاركة والتفريع في { فَسَتَذْكُرُونَ } على قوله الأخير : { حِسَابٍ وياقوم مَا لِى أَدْعُوكُمْ } الخ ، وجعله من جعل ذلك معطوفاً على { يا قوم ما لي أدعوكم } [ غافر : 41 ] الثاني تفريعاً على جملة الكلام ، و { مَا } في { مَا مَكَرُواْ } مصدرية و { السيئات } الشدائد أي فوقاه الله تعالى شدائد مكرءهم { وَحَاقَ بِئَالِ فِرْعَوْنَ } أي بفرعون وقومه ، فاستغنى بذكرهم عن ذكره ضرورة أنه أولى منهم بذلك ، ويجوز أن يكون آل فرعون شاملاً له عليه اللعنة بأن يراد بهم مطلق كفرة القبط كما قيل في قوله تعالى : { اعلموا ءالَ دَاوُودُ } [ سبأ : 13 ] انه شامل لداود عليه السلام ، وكانوا على ما حكي الاوزاعي ولا اعتقد صحته ألفي ألف وستمائة ألف .

وعن ابن عباس أن هذا المؤمن لما أظهر إيمانه قصد فرعون قتله فهرب إلى جبل فبعث في طلبه ألف رجل فمنهم من أدركه يصلي والسباع حوله فلما هموا ليأخذوه ذبت عنه فأكلتهم ، ومنهم من مات في الجبل عطشاً ، ومنهم من رجع إلى فرعون خائباً فاتهمه وقتله وصبله ، فالمراد بآل فرعون هؤلاء الألف الذين بعثهم إلى قتله أي فنزل بهم وأصابهم { فِرْعَوْنَ سُوء العذاب } الغرق على الأول وأكل السباع والموت عطشاً والقتل والصلب على ما روى عن ابن عباس والنار عليهما ولعله الأولى ، وإضافة { سُوء } إلى العذاب لامية أو من إضافة الصفة للموصوف