التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{أَمۡ يَحۡسَبُونَ أَنَّا لَا نَسۡمَعُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۚ بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيۡهِمۡ يَكۡتُبُونَ} (80)

{ أم } والاستفهام المقدر بعدها في قوله : { أم يحسبون } هما مثل ما تقدم في قوله : { أم أبرموا أمراً } [ الزخرف : 79 ] .

وحرف { بلى } جواب للنفي من قوله : { أنا لا نسمع } ، أي بَلى نحن نسمع سرهم ونجواهم .

والسمع هو : العلم بالأصوات .

والمراد بالسر : ما يُسرونه في أنفسهم من وسائل المَكر للنبيء صلى الله عليه وسلم وبالنجوى ما يتناجون به بينهم في ذلك بحديث خفيّ .

وعطف { ورسلنا لديهم يكتبون } ليعلموا أن علم الله بما يُسِرُّون علم يترتب عليه أثرٌ فيهم وهو مؤاخذتهم بما يسرّون لأن كتابة الأعمال تؤذن بأنها ستحسب لهم يوم الجزاء . والكتابة يجوز أن تكون حقيقة ، وأن تكون مجازاً ، أو كناية عن الإحصاء والاحتفاظ .

والرسل : هم الحفظة من الملائكة لأنهم مرسلون لتقصّي أعمال النّاس ولذلك قال : { لديهم يكتبون } كقوله : { ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيدٌ } [ ق : 18 ] ، أي رقيب يرقب قوله .