التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (78)

استئناف لأجل التقرير . والكلامُ تقرير للمخاطَب عنهم لأنّ كونهم عالمين بذلك معروف لدى كلّ سامع . والسر ما يخفيه المرء من كلام وما يضمر في نفسه فلا يُطلع عليه الناس وتقدم في قوله { سراً وعلانية } في سورة البقرة ( 274 ) .

والنجوى : المحادثة بخفاء أي يعلم ما يضمرونه في أنفسهم وما يتحادثون به حديثَ سر لئلا يطلع عليه غيرهم .

وإنّما عطفت النجوى على السرّ مع أنّه أعمّ منها لينبئهم باطّلاعه على ما يتناجَون به من الكيد والطعن .

ثم عَمّم ذلك بقوله : وأن الله علام الغيوب } أي قوي علمُه لجميع الغيوب .

والغيوب : جمع غيب وهو ما خفي وغاب عن العيان . وتقدّم قوله : { الذين يؤمنون بالغيب } في سورة البقرة ( 3 ) .