نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (78)

ولما كانت المعاهدة سبباً للإغناء{[36927]} في الظاهر ، وكان ذلك ربما كان مظنة لأن يتوهم من لا علم له أن ذلك لخفاء أمر البواطن عليه سبحانه ، وكان الحكم هنا وارداً على القلب بالنفاق الذي هو أقبح الأخلاق مع عدم القدرة لصاحبه على التخلص منه ، كان ذلك أدل دليل على أنه تعالى أعلم بما في كل قلب من صاحب ذلك القلب ، فعقب ذلك بالإنكار على من لا يعلم ذلك والتوبيخ له والتقريع فقال : { ألم يعلموا أن الله } أي الذي له صفات الكمال { يعلم سرهم } وهو ما أخفته صدورهم { ونجواهم } أي ما فاوض فيه بعضهم بعضاً ، لا يخفى عليه شيء منه{[36928]} { وأن الله } أي الذي له الإحاطة الكاملة { علام الغيوب* } أي كلها ، أي ألم يعلموا أنه تعالى لا يخادع لعلمه بالعواقب فيخشوا{[36929]} عاقبته فيوفوا بعهده ، وفائدة الإعطاء مع علمه بالخيانة إقامة الحجة ؛ قال أبو حيان : وقرأ علي و {[36930]}أبو عبد الرحمن والحسن { ألم تعلموا } بالتاء ، وهو خطاب للمؤمنين على سبيل التقرير{[36931]} - انتهى .

وفائدة الالتفات الإشارة إلى أن هذا العلم إنما ينفع من هيىء للإيمان .


[36927]:من ظ، وفي الأصل: للإعفاء.
[36928]:من ظ، وفي الأصل: من علمه.
[36929]:من ظ، وفي الأصل: فتخشوا.
[36930]:سقطت الواو من ظ.
[36931]:سقطت الواو من ظ.