اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ سِرَّهُمۡ وَنَجۡوَىٰهُمۡ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلَّـٰمُ ٱلۡغُيُوبِ} (78)

قوله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ الله يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ } الآية .

قرأ الجمهور " يَعْلمُوا " بالياء من تحت . وقرأ عليُّ بن أبي طالبٍ ، والحسنُ{[17994]} ، والسلمي بالخطاب ، التفاتاً للمؤمنين دون المنافقين والسِّر : ما ينطوي عليه صدورهم والنَّجْوَى : ما يفاوضُ فيه بعضهم بعضاً فيما بينهم ، مأخوذ من " النَّجْوِ " وهو الكلام الخفي كأنَّ المتناجين منعا إدخال غيرهما معهما ، ونظيره قوله تعالى : { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا } [ مريم : 52 ] وقوله تعالى : { فَلَمَّا استيأسوا مِنْهُ خَلَصُواْ نَجِيّاً } [ يوسف : 80 ] وقوله : { فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بالإثم والعدوان وَمَعْصِيَةِ الرسول وَتَنَاجَوْاْ بالبر والتقوى } [ المجادلة : 9 ] ، والمعنى : أنَّ الله تعالى يعلم سرهم ونجواهم فكيف يتجرَّءون على النفاق الذي الأصل فيه الاستسرار والتَّناجي فيما بينهم ، مع علمهم بأنَّهُ تعالى يعلم ذلك من حالهم ، كما يعلم الظَّاهر ، وأنَّهُ يعاقب عليه كما يعاقب على الظَّاهر .

قال : { وَأَنَّ الله عَلاَّمُ الغيوب } والعَلاَّمُ : مبالغة في العالم ، والغيب : ما كان غَائِباً عن الخلق .


[17994]:ينظر: الكشاف 2/293، المحرر الوجيز 3/62، البحر المحيط 5/75، الدر المصون 3/385.