المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونِۭ} (25)

ثم استثنى تعالى من كفار قريش القوم الذين كان سبق لهم الإيمان في قضائه ، و { ممنون } معناه : مقطوع من قولهم : حبل منين أي مقطوع ، ومنه قول الحارث بن حلّزة اليشكري : [ الخفيف ]

فترى خلفهن من شدة الرجع . . . منيناً كأنني أهباء{[11716]}

يريد غباراً متقطعاً ، وقال ابن عباس : { ممنون } بمعنى : معدود عليهم محسوب منغص بالمن{[11717]} .


[11716]:هذا البيت من معلقة الحارث بن حلزة، والضمير في "خلفها" يعود على الناقة التي كان الشاعر يصفها في الأبيات السابقة ويقول: إنها آنست صوتا وأفزعها القناص حين دنا الإمساء، والرجع: رجع قوائمها، والوقع: وع خفافها، والمنين: الغبار الدقيق، وكل ضعيف فهو منين، والأهباء: جمع هباء، وهو الغبار الذي ينتشر كأنه دخان، وتراه إذا دخلت الشمس من نافذة أو كوة كأنه غبار يتناثر من السماء، ويروى البيت: الإهباء – بكسر الهمزة- ومعناها: إثارة الناقة للهباء، يقول: لقد ذعرت وفرت، وجعلت تعدو بسرعة مثيرة خلفها الغبار الرقيق المتفرق.
[11717]:بمعنى أن الله تعالى لا يمن عليهم الأجر الذي يعطيه لهم.