اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ لَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونِۭ} (25)

قوله : { إِلاَّ الذين آمَنُواْ } : يجوز أن يكون متصلاً ، وأن يكون منقطعاً ، هذا إذا كانت الجملة من قوله : «لَهُمْ أجْرٌ » : مستأنفة أو حالية ، أمَّا إذا كان الموصول مبتدأ والجملة خبره ، فالاستثناء ليس من قبيل استثناء المفردات ، ويكون من قسم المنقطعِ ، أي : لكن الذين آمنوا لهم كيت وكيت .

وتقدم معنى الممنُون في : «حم » السجدة ، وأنَّ معناه : غير منقوص ولا مقطوع ، يقال : مننت الحبل : إذا قطعته .

وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس - رضي الله عنهما - عن قوله : { لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } فقال : غير مقطوع ، فقال : هل تعرف ذلك العرب ؟ قال : نعم ، قد عرفه أخو يشكر ؛ حيث يقول : [ الخفيف ]

5152- فَتَرَى خَلفَهُنَّ مِنْ سُرْعَةِ الرَّجْ *** عِ مَنِيناً كأنَّهُ أهْبَاءُ{[59736]}

قال المبرد : المنين : الغبار ؛ لأنه يقطعه وراءها ، وكل ضعيف مَنِين ومَمْنُون .

وقال بعضهم : ليس هنا استثناء ، وإنما هو بمعنى الواو ، كأنه قال : والذين آمنوا .

وقد مضى القول فيه في سورة البقرة ، والله تعالى أعلم .

ختام السورة:

روى الثعلبي عن أبيٍّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورَة { إِذَا السمآء انشقت } أعاذهُ اللهُ - تَعَالَى- أن يُعْطيهُ كِتابهُ وَراءَ ظَهْرهِ »{[1]} وحسبنا الله ونعم الوكيل .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[59736]:ينظر القرطبي 19/186.