معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

قوله تعالى : { ذكر } ، رفع المضمر ، أي : هذا الذي نتلوه عليك ذكر { رحمة ربك } ، وفيه تقديم وتأخير معناه : ذكر بك ، { عبده زكريا } ، برحمته .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

افتتاح كلام ، فيتعيّن أن { ذِكْرُ } خبر مبتدأ محذوف ، مثلُه شائع الحذف في أمثال هذا من العناوين . والتقدير : هذا ذكر رحمة ربّك عبده . وهو بمعنى : اذكر . ويجوز أن يكون { ذِكْرُ } أصله مفعولاً مطلقاً نائباً عن عامله بمعنى الأمر ، أي اذكر ذكراً ، ثمّ حول عن النصب إلى الرفع للدلالة على الثبات كما حُول في قوله { الحمد لله } وقد تقدم في [ سورة الفاتحة : 2 ] . ويرجحه عطف { واذكر في الكتاب مريم } [ مريم : 16 ] ونظائرِه .

وقد جاء نظم هذا الكلام على طريقة بديعة من الإيجاز والعدولِ عن الأسلوب المتعارف في الإخبار ، وأصل الكلام : ذكر عبدنا زكرياء إذ نادى ربّه فقال : رب الخ . . . فرحمة ربّك ، فكان في تقديم الخبر بأن الله رحمه اهتمام بهذه المنقبة له ، والإنباء بأن الله يرحم من التجأ إليه ، مع ما في إضافة { ربّ } إلى ضمير النبيء وإلى ضمير زكرياء من التنويه بهما .

وافتتحت قصة مريم وعيسى بما يتصل بها من شؤون آل بيت مريم وكافلها لأنّ في تلك الأحوال كلها تذكيراً برحمة الله تعالى وكرامته لأوليائه .

وزكرياء نبي من أنبياء بني إسرائيل ، وهو زكرياء الثاني زوج خالة مريم ، وليس له كتاب في أسفار التوراة . وأما الذي له كتاب فهو زكرياء بن برخيا الذي كان موجوداً في القرن السادس قبل المسيح . وقد مضت ترجمة زكرياء الثاني في سورة آل عمران ومضت قصّة دعائه هنالك .